عالم المعرفة يلتقي بتراث الرافدين

sumer IQ — منصة عراقية تجمع بين الهوية والتراث والابتكار التقني.

𒀭
كواليس قنوات الرحالة وخطر التجارب العقائدية

كواليس قنوات الرحالة وخطر التجارب العقائدية

صورة تعبّر عن الرحالة الجدد وتجاربهم المثيرة التي قد تحمل أفكارًا تمس العقيدة الإسلامية وتؤثر في وعي الشباب.

الرحالة الجدد وخطر التجارب العقائدية

في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من المحتوى عبر الإنترنت، تقدمه فئة من الرحالة الذين يجوبون العالم تحت شعار "تجربة الثقافات". هذا النوع من المقاطع يبدو للوهلة الأولى ترفيهيًا، لكنه في كثير من الأحيان يحمل بين طياته أفكارًا خطيرة تمس العقيدة الإسلامية وتؤثر في وعي الشباب والأطفال بشكل غير مباشر.

فبدلًا من أن يكون السفر وسيلة للتعرّف على عظمة خلق الله ودعوة الناس للخير، تحوّل عند بعضهم إلى وسيلة لتجريب عقائد وأديان أخرى، أو المشاركة في طقوس شركية بحجة "الفضول الثقافي". وهنا تكمن الخطورة الكبرى، لأن مثل هذه الأفعال تروّج – ولو من غير قصد – لفكرة أن العقيدة أمر قابل للتجربة، وأن كل الأديان تؤدي إلى الله!

الرحالة بين الفضول والانحراف

لقد ميّز الله الإنسان بالعقل ليفكّر ويهتدي إلى الحق، لا ليجرب الباطل. حين نرى أحد الرحالة يشارك في طقوس بوذية أو وثنية ويعرضها لمتابعيه كنوع من "الروحانية"، فإن هذا يفتح بابًا خطيرًا من التطبيع مع الكفر والشرك.

يقول الله تعالى: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" [النحل:36]. فالمؤمن مأمور بالابتعاد عن الطاغوت لا بتجربته!

إن مشكلة هؤلاء الرحالة أنهم يقدمون مقاطعهم لجمهور واسع من المراهقين والشباب الذين قد يتأثرون بأي مشهد أو كلمة. فيبدأ الشاب يشعر أن تجربة طقوس غير المسلمين أمر عادي أو حتى ممتع، وهنا يبدأ الخطر على العقيدة.

تجارب ظاهرها الترفيه وباطنها التطبيع

بعض المقاطع التي تُنشر اليوم تحت عناوين براقة مثل "جربت عبادة اليابانيين" أو "رحلتي إلى معبد بوذي" تبدو بريئة في ظاهرها، لكنها في حقيقتها تُطبع الأجيال على تقبّل الشرك.

يقول النبي ﷺ: "من تشبّه بقومٍ فهو منهم" [رواه أبو داود]. فكيف بمن لا يكتفي بالتشبه، بل يشارك ويعرض تلك الطقوس أمام الملايين!

لقد كان المسلمون الأوائل إذا سافروا إلى بلاد غير المسلمين، نشروا فيهم التوحيد، فأسلم على أيديهم الآلاف. أما اليوم، فقد أصبح البعض يسافر ليعرض كيف "تُعبد الأشجار" و"تُقدّس الأصنام" وكأنها تجربة سياحية!

المحتوى الخفي وتأثيره على الجيل

المشكلة ليست في المشاهد فقط، بل في الرسائل غير المباشرة التي تحملها. فحين يُظهر الرحالة أن كل طريق يوصل إلى الله، أو أن التجارب الروحية متشابهة، فإنه يزرع فكرة "وحدة الأديان" في عقول متابعيه.

قال تعالى: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" [آل عمران:19]. هذه الآية وحدها كافية لتقطع كل شبهة وتوضح أن الحق واحد لا يتعدد، وأن من يساوي بين الإسلام والباطل فقد ضل ضلالًا مبينًا.

مسؤولية الرحالة أمام الله

إن من أخطر ما يقع فيه بعض صناع المحتوى هو استهانتهم بما ينشرون، وكأنهم لا يدركون أن كل مشاهد وكل كلمة ستُسجَّل عليهم. فحين يشارك أحدهم في مشهد شركي أو يبرر تجربة عبادة وثنية، فإنه يحمّل نفسه وزرًا عظيمًا، خاصة إذا قلّده غيره.

قال النبي ﷺ: "من سنَّ في الإسلام سنةً سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده" [رواه مسلم]. فكيف بمن ينشر الشرك أو يروّج للباطل دون وعي؟!

نصيحة للمشاهدين

لا تكن متلقيًا سلبيًا لما تراه في وسائل التواصل. دقق في ما تشاهد، ولا تجعل العاطفة أو الإعجاب بالشخصيات يغيّر من عقيدتك. إن الأصل في كل مسلم أن يزن الأمور بميزان الشرع، لا بميزان الإعجاب.

صورة تعبّر عن تلاعب الايادي الخفية وتجاربهم المثيرة التي قد تحمل أفكارًا تمس العقيدة الإسلامية


قال الله تعالى: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ" [النساء:140]. فكيف بمن يتابع ويشارك ويصفّق؟!

رسالة إلى الرحالة والمؤثرين

أيها الرحالة، إن مسؤوليتكم أمام الله عظيمة. أنتم اليوم تصنعون رأيًا عامًا وتؤثرون في عقول الملايين. فليكن محتواكم دعوة إلى الخير لا بابًا للفتنة.

استثمروا تجاربكم في إظهار جمال الإسلام ورحمته وعدله، لا في عرض طقوس الكفار. فالعالم اليوم بحاجة إلى من يذكّره بالتوحيد لا إلى من يجرّبه!

قال رسول الله ﷺ: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء" [رواه مسلم]. فليكن من بين الغرباء الذين يثبتون على الحق ولا يميّعون دينهم تحت مسمى التجربة أو الانفتاح.

خاتمة

أخيرًا، لسنا ضد السفر أو الاطلاع على ثقافات الآخرين، ولكننا ضد أن يُقدّم الباطل على أنه تجربة ثقافية بريئة. كن واعيًا لما تشاهد، وعلّم أبناءك أن لا ينبهروا بالمظاهر. فدين الله كامل لا يحتاج إلى إضافة من بشر ولا تجربة من وثني.

نسأل الله أن يثبتنا على الحق، وأن يحفظ شباب الأمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا الفهم الصحيح لديننا.

💬 ليست هناك تعليقات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!

✍️ اترك تعليقك

شاركنا رأيك أو استفسارك

تواصل معنا